عقل واحد في جسدين

يقول لي أبي دائما:
عندما تموت ولديك خمسة اصدقاء ،
فقد عشت حياة عظيمة..

لنبقى أصدقاء.. لنعاند الجفاء.. حتى تبقى القصائد بلون ضحكاتنا وتبقى الكلمات عاشقة لحوارنا ولا يكون الصمت محوراً لحديثنا.. لنبقى أصدقاء مهما حصل.. حتى لا نمارس الخيانة لذكرياتنا مع النسيان، وتبقى أحاسيسنا مشتعلة للعيان، ولا يكون الهروب من الماضي بداية الزمان.. لنبقى أصدقاء أوفياء.. حتى نتذكر أسماءنا عند اللّقاء، وتبقى قلوبنا عامرة بالصفاء، ولا يكون يتجرع من الفراق كشرب ماء.. لنبقى أصدقاء في لحظات الفراق.. حتى تصبح أيامنا الماضية رائعة فريدة، وتبقى ذكرياتنا خالدة مجيدة، وتكون أوجاع ماضينا قوافيها سعيدة.. لنبقى أصدقاء بعد الفراق.. حتى نتذكّر بعضنا بحنين وتبقى دموعنا بلا أنين ولا يكون موعد انفصالنا لسنين.. لنبقى أصدقاء لآخر العمر حتى لا تشوّه سنوات عمرنا، وتبقى أيامنا خالية من عار فراقنا.. لنبقى أصدقاء حتى بعد رحيلي.. لتقول يوماً بسلام وداعاً (يا أغلى إنسان).
لا يستطيع لساني التعبير عن كل ما في نفسي اتجاههم، ولكن تأبى نفسي إلّا أنّ تبين بعض ما يتلجلج في الصدر، ويشتعل في الأعماق ومع عودة الذكريات يعود الأمل.
بعد الوصال لا بدّ من ارتحال، تغرب الشمس وكأن أشعة غروبها سيوف تعمل في الغروب، فيخفق القلب صراعاً.. ويناديه الركب الراحل.. وداعاً.. ويهتف اللّسان والقلب.. قفوا.. قفوا.
الصديق الصادق نادر جداً هذه الأيام، نادر أن تجده، ونادر أن يستمر معك، ونادر أن تجد وفاءه، فإذا حصلت على صديق صادق فحافظ عليه قبل فوات الأوان، ليس لأنه سيتركك، بل لأنك لا تأمن نوائب القدر إذا فرّق بين الأحباب وبينهم كلمة تراد أن تقال.

Exit mobile version