الفقر كلمة مقيتة، كريهة تعافها النفوس ،
وتشمئز منها القلوب،
وهو متفشٍ في هذا العصر الظالم، عصر الثروات الهائلة والبؤس المزري،
فبينما نجد أناساً يعيشون في ترف حياتي، يلعبون بالملايين وتقتلهم التخمة ،
نجد آخرين لا يكادون يجدون لقمة العيش وإن وجدوها كانت بشق الأنفس ،
يعيشون في أكواخ من الصفيح، بل وفي العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ،
يمزق أحشاءهم الجوع، ويهدُّهم المرض، يتجرعون مرارة الحاجة، وتغص حلوقهم بذلة المسكنة
إن للفقر أبناءً كثيرين .. وإن له صوت يعلو ويرتفع .. وهناك أذن لا تسمع و عين لا تبصر
فانظروا خلف الأبواب
واسمعوا صوت الفَقْر
خلف هذا الباب رأينا ملامح لرجل كهل عاجز عن الحركة يقبع في زاوية المنزل ضريرا
وبالقرب منه عكازُ يستخدمه حين يكون قادرا على المشي
حدثنا من يعرفه أن الله ابتلاه بالصرع فكان بين الحين والحين يصاب بنوبة.. تارة تكون قوية, وتارة ضعيفة
يشفق عليه الجيران بوجبة غداء واحدة .. أما الطبيب فلا يملكون مالا ليذهبوا به للعلاج ؛
هذا العاجز كان له فضلٌ كبيرُ على كثير من المبصرين الذين علمهم كيف يمسكون القلم
ويقرؤون الكتب , هذا العاجز كان يوما من الأيام يُدعى معلم لكنه لا يملك شهادة
دارت به الحياة حتى أصبح في هذه الحارة .. يجاور البؤس
بعد أن أصبح بلا مال ولا أولاد
ينتظر الموت
انتهت رحلتي.. وانتهى وقوفي على أبواب الفقر
اقتحم الخيالُ تلك الأبواب
وعلمنا أنَّها لاتزالُ تنتظرُ طارقاً ما ..يأتي بمالٍ ..أو بقايا طعام
إنِّها أبوابٌ تنتظرُ كل يومٍ زائرا
يحملُ لهم بعضَ أملٍ .. بأنّهم لا زالوا بخير